وعيا منه بالدور الذي تشغله مساطر صعوبات المقاولة و تأثيرها سلبا و إجاباً على روح الاستثمار، سارع المشرع المغربي إلى تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة ، حيث أنه يندرج هذا التعديل في إطار مسلسل الإصلاحات التي يتبناها المغرب وفق نهج يقوي الأعمال ويشجع الاستثمار وحافزا قادر على الرفع من جاذبية بلدنا له ، وتفعيلا لمضامين التوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تحديث المنظومة القانونية و لاسيما ما يتعلق بمجال الأعمال والاستثمار، وتوفير مناصب الشغل إضافة إلى تبسيط المساطر المرتبطة بالمقاولة؛
وفي إطار تنزيل مقتضيات توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، و التي حظيت بالمصادقة الملكية السامية؛
وبناءا على ما أفرزته الممارسة العملية لمقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة و المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة من اختلالات، حيث اتضح من خلال الإحصائيات المنجزة على مستوى المحاكم التجارية للمملكة أن ما عدده تسعة أعشار مساطر التسوية تنتهي إلى التصفية القضائية؛
و اعتبارا لخاصية منح أهم الضمانات القانونية و القضائية سواء للمستثمرين من جهة و للمتقاضين من جهة أخرى تتجلى و بدون شك في منح ترسانة قانونية قوية و مرنة في ذات الوقت، ومن خلال ما سبق وعلى نهج تحصين المقاولة و تشجيع الاستثمار و منح ضمانات قانونية و قضائية للمتعاملين معها و الرغبة في تطوير مساطر صعوبات المقاولة من اجل إيجاد حلول منطقية عملية لما قد يستجد من منازعات في ظل سيادة القانون و استقلال القضاء، فهذه المبادرة التشريعية تسعى إلى التعديل فق مستجدات سنتناولها وفق الشكل التالي:
1 - هيكلة مساطر الوقاية الخارجية على الشكل التالي :
كما هو معهود فمساطر الوقاية الخارجية ترمي إلى فتح حوار و نقاش سري بين رئيس المقاولة و رئيس المحكمة بمساعدة وكيل خاص وقد مس التعديل النقط التالية:
أ- حيث أصبحت مسطرة الوقاية الخارجية حسب المادة 548 تفعل أمام كل :
"...شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها، قصد النظر في الإجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية." وقد تم حذف كلمة "حرفية" في المشروع التعديلي.
ب- شهدت المادة 550 تعديلا وذلك بتوضيح حالة التسوية الودية والمادة 553 المتعلقة بالمصالح :
حيت "يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة تجارية أو حرفية،من دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع، تعاني من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو لها حاجات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة، يتقدم رئيس المقاولة بطلب إلى رئيس المحكمة، يعرض فيه وضعيتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والحاجيات التمويلية وكذا وسائل مواجهتها." ومع الحرص على وضع صياغة قانونية صحيحة حيث تم استبدال "التسوية الودية" بكلمة "المصالحة"، كما تم حذف كلمة "حرفية" حتى لا تختلط بمسطرة التسوية القضائية.
وقد شهدت مدة تعيين المصالح تعديلاً كذلك بحيث أصبح يعين لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد لمدة مماثلة بعدما كان التمديد لمدة شهر فقط حسب مدونة التجارة الحالية من خلال المادة 553.
ج- تحديد مهمة الوكيل الخاص و توسيع نطاق تدخله :
وقد حدد المشرع في المشروع التعديلي مهمة الوكيل الخاص بشكل دقيق و المتجسدة في تخفيف الاعتراضات المحتملة اجتماعية كانت(كإيقاف إضراب مستمر) أو بين الشركاء، أو تلك الخاصة بالمتعاملين مع المقاولة بل وكل الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية استغلال المقاولة ، كما منح المشرع لرئيس المحكمة صلاحيات تمديد اجل مهمة الوكيل الخاص و استبداله أيضا بعد موافقة رئيس المقاولة، موسعا بذلك من صلاحيات رئيس المحكمة في إطار مساطر الوقاية، مؤكدا على سرية مسطرة الوقاية الخارجية و إن كانت تتسم بتدخل أشخاص خارجيين عن المقاولة (رئيس المحكمة ،الوكيل الخاص).
د- التنصيص على إلزامية إشعار الدائنين الذين منح رئيس المحكمة بخصوص ديونهم أجلا دون أن يشملهم إجراء التسوية الودية :
بموجب تعديل المادة 556 التي ألزمت من خلال الفقرة الأخير على وجوب إخبار الدائنين غير المشمولين بالاتفاق و المعنيين بالاتفاق بالآجال الجديدة
"عند إبرام اتفاق مع جميع الدائنين، يصادق عليه رئيس المحكمة ويودع لدى كتابة الضبط.
إذا تم إبرام اتفاق مع الدائنين الرئيسيين، أمكن لرئيس المحكمة أن يصادق عليه أيضا وأن يمنح للمدين آجال الأداء الواردة في النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق.
وفي هذه الحالة، وجب إخبار الدائنين غير المشمولين بالاتفاق والمعنيين بالآجال الجديدة."
إحداث مسطرة جديدة وهي مسطرة الإنقاذ :
حسب المشروع التعديلي فمسطرة الإنقاذ يمكن فتحها بطلب من كل تاجر لا يكون في حالة التوقف عن الدفع و التي من شأنها أن تؤدي به في اجل قريب الى التوقف عن الدفع، و تهدف مسطرة الإنقاذ إلى تجاوز الصعوبات لضمان استمرارية نشاط المقاولة،
و يودع رئيس المقاولة طلبه لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ويبين فيه نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة.
يجب إرفاق الطلب على الخصوص بما يلي :
- القوائم التركيبية لآخر سنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات إن وجد؛
- نسخة حديثة من السجل التجاري؛
- قائمة بالمدينين مع الإشارة إلى محل إقامتهم ومبلغ حقوق المقاولة وديونها والضمانات الممنوحة لها ؛
- قائمة بالدائنين مع الإشارة إلى محل إقامتهم ومبلغ حقوقهم وديونهم والضمانات الممنوحة لهم .
يجب أن تكون الوثائق المقدمة مؤرخة ومؤشرا عليها من طرف رئيس المقاولة.
إضافة إلى الوثائق المذكورة أعلاه، يمكن لرئيس المقاولة الإدلاء بكل وثيقة معززة لطلبه، تبين بشكل واضح نوع الصعوبات التي تعتري نشاط المقاولة.
في حالة تعذر تقديم إحدى هذه الوثائق أو الإدلاء بها بشكل غير كامل، يجب على المدين أن يبين الأسباب التي حالت دون ذلك.
ويتم إفتتاحها بعد تلقي رئيس المحكمة طلب فتح مسطرة الانقاذ مرفق بالمشروع يقوم بالاجراءات التالية : إستدعاء رئيس المقاولة للمثول أمامه في غرفة المشورة للإستماع لأقواله
يقوم بجمع المعلومات الخاصة بالحالة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة ولا يمكن مواجهته بأي مقتضى يتعلق بالسر المهني
يمكن له الاستعانة بخبير لإعداد تقرير حول وضعية المقاولة.
إذا تبين، بعد فتح المسطرة ، أن المدين كان في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ، تعاين المحكمة حالة التوقف وتحدد تاريخه وفق مقتضيات المادة 680 .
تقضي المحكمة بتحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية او تصفية قضائية ، حسب الحالات.
ويمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من فترة الملاحظة كلما اقتضت الضرورة ذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 579.
من خصائص هذه المسطرة(مسطرة الإنقاذ) :
أ- التأكيد على أن هذه المسطرة إرادية:
بحيث يتم فتحها قبل مرحلة التوقف عن الدفع و يقوم المدين الذي يرغب في الاستفادة منها شخصيا بتقديم مشروع مخطط الإنقاذ و اتحاد المبادرات التي يراها كفيلة بإنقاد مقاولته.
ب- تمتيع الكفلاء بمقتضيات مخطط الإنقاذ وبوقف سريان الفوائد:
خلافا لما هو مقرر في مجال التسوية القضائية، كلما كان هؤلاء الكفلاء اشخاصا طبييعين ومرد هذا الى كون هؤلاء الكفلاء غالبا ما يكونون هم مسيرو المقاولة انفسهم.
ج- حالة تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية :
فانه لايتم التصريح بالديون إلا في حدود المبالغ المتفق عليها في مسطرة الإنقاذ، عكس الحالة التي يتم فيها تحويل الإنقاذ أو التسوية القضائية إلى تصفية قضائية والتي يشمل التصريح بمجموع الدين وذلك تخفيفا من الأعباء المالية للمقاولة.
2- مستجدات مساطر التسوية القضائية و التصفية القضائية:
إعادة صياغة بعض النصوص لما يرفع اللبس أثناء تطبيقها؛
وذلك عن طريق توضيح المقصود بالديون الناشئة بعد فتح المسطرة بكونها تلك المرتبطة بنشاط المقاولة التجاري، بحيث نصت المادة 575 من المشروع التعديلي على انه يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة الإنقاذ ،و المتعلقة بحاجات سير المسطرة وتلك المتعلقة بالنشاط التجاري للمقاولة وذلك خلال فترة إعداد الحل، بالأسبقية على كل ديون أخرى سواء أكانت مقرونة أم لا بامتيازات او بضمانات.
تؤدى هذه الديون عند تزاحمها وفقا للقواعد المقررة في القسم الثاني عشر من الكتاب الثاني من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود والقانون بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية والمادة 365 من هذا القانون وباقي المقتضيات الخاصة الأخرى.
- الأخد بالمعيار الحديث لتحديد مفهوم التوقف عن الدفع :
والتي تعتمد على المقارنة بين أصول و خصوم المقاولة بحيث تثبت حالة التوقف عن الدفع في حالة عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها القابلة للتصرف بما في ذلك الديون الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليها في المادة 556.
- تمديد أجل المطالبة بفتح مساطر المعالجة من طرف رئيس المقاولة:
وذلك داخل أجل 30 يوماً الموالية للتوقف عن الدفع بعدما كانت 15 يوماً من طرف رئيس المقاولة وهذا ما جاءت به المادة 561 من المشروع التعديلي.
- تحديد مبلغ لتغطية مصاريف لإشهار و تسيير المسطرة :
وحسب المادة 562 من المشروع التعديلي فإن رئيس المحكمة يحدد مبلغا لتغطية مصاريف الإشهار وتسيير المسطرة قبل ايداع طلب فتح المسطرة لدى كتابة الضبط، يودع طلب فتح المسطرة، سواء كان رئيس المقاولة أو احد دائنيها، المبلغ فوراً
وحسب المادة 563 لم يذكر المشرع النيابة العامة كطرف يمكنه فتح مسطرة المعالجة،
تعيين نائب للقاضي المنتدب تستند إليه مهام القاضي المنتدب إدا عاق هذا الأخير مانع قانوني حسب المادة 568 من المشروع التعديلي.
- حذف مزاولة مهام السنديك من قبل كتابة الضبط أو الغير حسب المادة 568 :
طبقا للمادة 568 من مدونة التجارة الحالية، تزاول مهام السنديك من طرف كتاب الضبط بالمحكمة التجارية ويمكن عند
الاقتضاء أن تسند إلى الغير، لكن ومن خلال المشروع التعديلي حذفت مزاولة مهام السنديك من قبل كتابة الضبط أو الغير
وقد أبان الواقع العملي أن مهمة السنديك تسند لمراقبي الحسابات أو الخبراء المحاسبين وقدماء مسيري المقاولات بدلا من كتاب الضبط.
- تم تصحيح المادة 729 بخصوص التعرض و تعرض الغير الخارج عن الخصوم :
بحيث تم الإبقاء فقط على تعرض الغير الخارج عن الخصومة، وذلك على نهج القواعد العامة المقررة في قانون المسطرة
المدنية حيث لا يقبل التعرض غلا إذا كان الحكم غيابيا، ونفس الحكم على الأحكام و المقررات الصادرة في مادة
صعوبات المقاولة، وفي المشروع التعديلي فترض الغير الخارج عن الخصومة يكون بمقال مسجل لدى كتابة ضبط المحكمة.
- وقد تم تعديل المادة 575 المتعلقة بتسديد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة الإنقاذ :
المتعلقة بحاجات سير المسطرة وتلك المتعلقة بالنشاط التجاري للمقاولة وذلك خلال فترة إعداد الحل، بالأسبقية على كل
ديون أخرى سواء أكانت مقرونة أم لا بامتيازات أو بضمانات.
تؤدى هذه الديون عند تزاحمها وفقا للقواعد المقررة في القسم الثاني عشر من الكتاب الثاني من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود والقانون بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية والمادة 365 من هذا القانون وباقي المقتضيات الخاصة الأخرى
التفالس :
وبموجب التعديل الذي شمل المادة 721حيث يدان بالتفالس في حال افتتاح إجراء المعالجة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702 الذين تبين أنهم ارتكبوا أحد الأفعال التالية :
1. قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري أو لجئوا إلى وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة ؛
2. اختلسوا أو أخفوا كلا أو جزءا من أصول المدين ؛
3. قاموا تدليسا بالزيادة في خصوم المدين ؛
4. قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك.
...............
المراجع :
- مدونة التجارة 15.95 .
- مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة.
- كتاب الأستاذة خديجة مضي مساطر الوقاية و المعالجة من صعوبات المقاولة الطبعة الأخيرة.
شارك الموضوع
شارك الموضوع
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يهمنا