علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية
من اعداد الطالب ׃ محمد بيسي
مقدمة ׃
يعتبر جهاز الشرطة القضائية من أهم الأجهزة المساعدة للعدالة الجنائية في مرحلة ما قبل القضائية، نظرا لكونه يشكل المساعد الأكثر فعالية في سير الدعوى العمومية وتحديد مسارها على ضوء الأبحاث التي يقوم بها. ونظرا لخطورة مهامه خصوصا في مسطرة البحث التلبسي، التي تتميز باتخاذ إجراءات قسرية وصارمة تتعارض أحيانا مع الحريات الفردية لغرض مواجهة خطورة المجرم والجريمة، حدد المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة الأشخاص الذين يتوفرون على الصفة الضبطية، في إطار قانون المسطرة الجنائية أو بناء على نصوص خاصة، كما نظم بدقة حدود اختصاصهم نوعيا ومكانيا. في المقابل وحتى تتم الأبحاث المنجزة من طرف الشرطة القضائية في ظروف تحترم فيها الضمانات القانونية للأفراد، أخضع المشرع سير هاته الأبحاث لإشراف النيابة العامة . بحيث تبقي هذه الاخيرة الجهة الوحيدة التي يرتبط بها ضباط الشرطة القضائية فى اطار علاقة اساسها قانون المسطرة الجنائية في مجموعة من مواده ٬ وتبعا لذلك فان الفقرة الاخيرة من المادة 16 تنص بانه ׃ يسير وكيل الملك اعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه . وتنص المادة 23 بانه ׃ يجب على ضباط الشرطة القضائية ان يحرروا محاضر بما انجزوه من عمليات وان يخبروا وكيل الملك او الوكيل العام للملك المختص فورا بما يصل الى علمهم من جنايات وجنح . ويجب على ضباط الشرطة القضائية ٬ بمجرد انتهاء عملياتهم ٬ ان يوجهوا مباشرة الى وكيل الملك او الوكيل العام للملك اصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسختين منها مشهود بمطابقتهما للأصل ٬ وكذا جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بها .
وتوضع الاشياء المحجوزة رهن اشارة وكيل الملك او الوكيل العام للملك .
ويجب ان تشير المحاضر الى ان لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية .
وتنص المادة 45 ايضا بانه ׃ يسير وكيل الملك في دائرة نفوذ محكمته اعمال الشرطة القضائية واعوانها ويقوم بتنقيطهم . ويسهر على احترام اجراءات الحراسة النظرية واجلها وعلى مباشرتها في الاماكن المعدة لهذه الغاية. كما يتعين عليه ان يقوم بزيارة هذه الاماكن على الاقل مرة في الاسبوع ٬ وله زيارتها في اي وقت شاء ٬ وعليه ايضا مراقبة سجلات الحراسة النظرية . وتضيف المادة 30 بانه ׃ يحيل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستشناف الى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف كل اخلال ينساب لضابط من ضباط الشرطة القضائية اثناء قيامه بمهامه .
بينما نجد ان المادة 78 تنص على ان ضباط الشرطة القضائية هم من يقوم بانجاز الابحات التمهيدية بناءا على تعليمات النيابة العامة او تلقائيا . ويسير هذه العمليات وكيل الملك او الوكيل العام للملك ٬ كل في حدود اختصاصه.
وتجدر الاشارة هنا الى وجوب اخبار وكيل الملك اوالوكيل العام للملك المختص بكل تغير يطرا في الاختصاص الترابي لضباط الشرطة القضائية تطبيقا للمادة 22 من ق.م.ج .
وبذلك فان علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية يفرضها المنظور الجديد لمحاربة الجريمة من جهة ٬ وتطور مفهوم حقوق الانسان والحريات الشخصية من جهة اخرى.وهذا ما تجلى لنا بالوضوح خلال فترة التدريب التي قضينها بشعب ومكاتب المحكمة الابتدائية بسلا التي تبينت لنا فيها العلاقة الوطيدة و الترابط الوظيفي بين كل من جهاز الشرطة القضائية والجهاز القضائي المتمثل في النيابة العامة ،وذلك من خلال الأبحاث ووسائل الاثبات المنجزة من طرف رجال الشرطة القضائية المقدمة لأجهزة العدالة الجنائية من اجل تحديد مسار الدعوى بدءا من جهاز النيابة العامة الذي يقرر وفق مبدأ الملائمة الممنوح له اما المتابعة او الإحالة على المحكمة أو تقديم ملتمس بإجراء التحقيق أو بحفظ المتابعة.
وعلى كل حال يمكن ابراز علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية من خلال مايلي ׃
اولا ׃ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية من خلال مراقبة المحاضر
ثانيا ׃ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية من خلال مراقبة تدابير الحراسة النظرية وحالة الاشخاص
علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية من خلال مراقبة المحاضر
تعتبر دراسة المحاضر ومراقبة شكلياتها من أهم وسائل مراقبة النيابة العامة لأعمال الضابطة ألقضائية وذلك بغية التأكد من مدى التزامها التقييدبالشروط والشكليات المنصوص عليها في القانون.
وهكذا فإن المحاضر تعتبر الوسيلة القانونية الأساسية لإثبات التحريات والأبحاث التي تقوم بها الضابطة القضائية للنهوض بأعباء البحث التمهيدي بمعناه الواسع من انتقالات ومعاينات وتفتيش ووضع تحت الحراسة النظرية وتلقي الوشايات والشكايات وأقوال الشهود إلى غير ذلك من أمور البحث، سواء قامت بذلك تلقائيا أو بناء على تعليمات النيابة العامة. فالمحاضر تعتبر إذن نقطة الالتقاء في العلاقة بين النيابة العامة والضابطة القضائية، ومن تم وجب أن تنجز وفق الشروط والشكليات المتطلبة وبالسرعة والنجاعة اللازمتين، حتى تكتسب الحجية الخاصة والقوة الثبوتية المنصوص عليها في المادتين 289 و291 من ق.م.ج. واعتبارا لهذه الأهمية ونظرا لخطورة النتائج والآثار القانونية المترتبة عن إنجاز المحاضر فقد حرص المشرع المغربي ولأول مرة على تعريفها وتحديد شروطها، وألزم الضابطة القضائية بإحالتها فورا على النيابة العامة مرفقة بالوثائق والمستندات والأشياء المحجوزة المتعلقة بها لاتخاذ ما تراه مناسبا في شأنها.
واذا كان قانون المسطرة الجنائية قد اعطى تعريفا قانونيا للمحضر في المادة 24 منه ٬ فانه لم يحدد شكله . لذلك نلاحظ اختلافا في صياغة شكل المحضر من ضابطة الى اخرى . والحقيقة ان هذا الاختلاف الشكلي تبرره ظروف وطبيعة عمل كل ضابطة قضائية ٬و الذي لايساعد على توحيد شكل المحاضر هو ان قانون المسطرة الجنائية نفسه لم يقرر شكلا محددا او نموذجا معينا للمحضر ٬ خلافا لبعض القوانين الخاصة التي اوجبت ان تصاغ المحاضر وفق شكليات معينة .
وتجدر الاشارة الى انه ينبغي التمييز بين محضر الضابطة وتقرير الضابطة . فهذا الاخير يعتبر وثيقة يضمنها ضابط الشرطة القضائية مجموعة من المعلومات تهم موضوعا معينا ٬ ويمكن ان يضيف اليه رأيه وملاحظاته ٬ كما يمكن ان يطلب بواسطته تعليمات او حلولا٬ ويبقي فقط وسيلة اتصال بين النيابة العامة وضابط الشرطة القضائية.
ونظرا لأهمية وخطورة المحاضر وانعكاساتها على حرية الافراد ٬ فقد احاطها ق.م.ج بضمانات قانونية تتجلي في شروط دقيقة يتعين احترامها من طرف ضابط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية وان تتم وفق ما نص عليه القانون ٬ حتى لا تفقد شرعيتها كوسيلة اثبات . ومن هذه الشروط ما هو شكلي وما هو موضوعي وكلها شروط جوهرية .
ا ـ الشروط الشكلية ׃
1 ـ كتابة المحضر وتاريخه ׃ استنادا لمقتضيات المادة 24 من ق.م.ج، فإن المحضر يجب أن يكون مكتويا والكتابة يجب أن تكون باللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد وهي التي يتم بها الترافع أمام المحاكم المغربية بموجب قانون التعريب الصادر بتاريخ 1965 والكتابة هنا يجب أن تكون بأسلوب واضح وبسيط وخال من الحشو أو الإفراغ أو الكشط أو التداخل. وإذا حدث أي خطأ أو تغيير أو ملاحظة، فيجب تدوين ذلك، والتوقيع عليه من طرف ضابط الشرطة القضائية والشخص المستمع إليه [1]
كما يجب أن يشار إلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء ذلك أن بعض الإجراءات كالوضع تحت الحراسة النظرية والوضع تحت الملاحظ وتفتيش المنازل يشترط أن تكون محددة اليوم والساعة والدقيقة.
وشرط تأريخ المحضر ضروري لعدة اعتبارات كبداية احتساب مدة التقادم وتاريخ ارتكاب الفعل لتحديد سن الرشد الجنائي ولاحترام بعض الآجال الإنذارية كما هو الشأن في جرائم إهمال الأسرة بالنسبة للشخص المهمل (480 من ق.ج) إلى غير ذلك من المقتضيات .
2 ـ صفة محرر المحضر واسمه ׃ لكي يكون المحضر صحيحا يجب أن يشار فيه إلى اتسام محرره بصفة ضابط الشرطة القضائية (م.23 من ق.م.ج) وأن يبين فيه اسمه الشخصي والعائلي ورتبته، كالإشارة مثلا إلى كونه رقيب أول أو مساعد أو مساعد أول وذلك بالنسبة إلى المحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية التابعين للدرك ألملكي أو الإشارة إلى كون محرر المحضر ضابط الشرطة القضائية أو ضابط ممتاز بالنسبة إلى المحاضر المنجزة من طرف مصالح الأمن الوطني أو قائد أو باشا بالنسبة لرجال ألسلطة أو ضابط سامي للشرطة ألقضائية بالنسبة لممثلي النيابة العامة أو قاضي التحقيق كما يتعين أن يبين محرر المحضر المصلحة أو الإدارة التي ينتمي إليها كدائرة كذا للشرطة القضائية أو مركز الدرك الملكي أو قيادة من القيادات أو باشوية أو نيابة عامة بمحكمة كذا...إلخ.
غير أن هناك بعض المخالفات لا تتطلب توفر محررها على صفة ضابط شرطة قضائية كما هو الشأن بالنسبة للمخالفات المنجزة في إطار بعض القوانين الخاصة كقانون السير وقمع الغش والمعاقبة على السكر العلني حيث ينص الفصل 5 من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 4/11/1967 على أنه: " يثبت المخالفات لمقتضيات هذا القانون جميع ضباط الشرطة القضائية والأعوان وأعوان القوة العمومية ويحررون بشأنها محضر".
3 ـ التوقيع ׃ من البيانات اللازمة التي نصت عليها المادة 24 من ق.م.ج توقيع ضابط الشرطة القضائية على المحضر باعتباره الوسيلة المثبتة لصدوره عنه، وبالتالي اتسام المحضر بالصيغة الرسمية المترتبة عن انتماء الموظف (محرر المحضر) إلى هيئة عمومية كما نصت المادة 69 من ق.م.ج على توقيع كل ورقة من أوراق المحضر في حالة التلبس. والعبرة من ذلك أن الإجراءات موضوع المحاضر التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس تكون مختلفة ومتعددة وتتضمن تدابير صارمة وقسرية أحيانا كالتفتيش والحجز رغما عن إرادة المعني بالأمر والوضع تحت الحراسة ولو دون إذن مسبق من النيابة العامة، وبالتالي يجب توقيع كل ورقة من أوراق المحضر لكي يكون صحيحا ومثبتا لصدوره من طرف محرره.
ب ـ الشروط الموضوعية ׃
إن الشروط والبيانات الشكلية المتعلقة بمحرر المحضر المتحدث عنها لا تكفي لتحقيق الغاية المتوخاة من إنجازه حتى يلعب دوره القانوني دون أن تتوفر في محرره شروط أخرى أهمها الموضوعية والحياد. ومفاد ذلك أنه يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يضمن في المحضر ما عاينه أو ما قام به من عمليات وما تلقاه من تصريحات دون زيادة أو نقصان. كما أنه لا يمنع على ضابط الشرطة القضائية بسبب تنوع وتعقيد المهام التي يقوم بها أثناء مرحلة البحث من الاستعانة بأعوان الشرطة القضائية في حدود ما يسمح له به القانون من صلاحيات (المادة 25 من ق.م.ج).
كما لا يجوز أن يعطي تقييما للوقائع أو التصريحات أو أن يبدي رأيه الشخصي في النازلة إلى حد إعطائها تأويلا قانونيا لأن هذه العملية ليست من اختصاصه. إلا أن ما جرى به العمل أن ضباط الشرطة القضائية يلجأ ون دائما إلى إعطاء تكييف قانوني بطرة المحضر المحال على النيابة العامة.
وقد أثبتت التجربة أن معظم المحاضر التي ينجزها بعض ضباط الشرطة القضائية، وخاصة رجال السلطة (والباشوات والقواد)، لا تتوفر على الشروط الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا سواء بالنسبة للشخص المستمع إليه (حيث يلعب تحديد هويته دورا مهما في الخصومة الجنائية) أو بالنسبة لشرط الموضوعية والحياد في تحريرها، فغالبا ما تتضمن هذه المحاضر تصريحات جماعية ومبهمة للمشتكين أو المشتكى بهم أو الشهود وتدوينها على شكل سؤال وجواب دون ذكر تاريخ ومكان الوقائع..إلخ.
وأمام هذا الوضع أصبحت النيابة العامة مضطرة في معظم الأحوال إلى إرجاع هذه المحاضر إلى مصالح أخرى للشرطة القضائية (الأمن الوطني أو الدرك الملكي) قصد إتمام البحث في نقط معينة، أو الاستماع إلى الأشخاص بشكل مستقل، أو الاستماع لباقي ألأطراف إن لم نقل إعادة البحث من جديد واعتبار المحضر بمثابة تبليغ عن وقائع، وهذا يشكل إضرارا بمصالح الأشخاص وكذا إهدارا لمجهودات محرر المحضر نفسه والنيابة العامة والشرطة القضائية، ناهيك عن التجاوزات والخروقات من الاعتقالات التعسفية والاعتداءات الجسدية وغيرها. خاصة وأنهم لا يخضعون من الناحية العملية لأية مراقبة قضائية أو إدارية في هذا الشأن.
ثانيا ׃ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية من خلال مراقبة تدابير الحراسة النظرية وحالة الاشخاص
تتجلي سلطة وكيل الملك على الشرطة القضائية في متابعته لأعمالها وتصرفات ضباطها عندما تكون صادرة عنهم بهذه الصفة ٬ عن طريق ما يقف عليه شخصيا او يصل الى علمه او يرفع اليه من اخلال او تقاعس ينسب الى ضابط الشرطة اثناء قيامه بمهامه . ويتجلي حرص النيابة العامة على قانونية اعمال ضباط الشرطة القضائية في زيارة اعضائها لأمكنة الحراسة النظرية مرة في الاسبوع على الاقل ٬ وفي أي وقت يشاؤون ٬ ويحررون تقارير بما عاينوه من اخلالات وملاحظات ويشعرون بها الوكيل العام للملك .
وهذا الاجراء يدعم اليات الحرص على قانونية اعمال هذا الجهاز ضمانا للشرعية وتجنبا لكل شطط يمكن ان يصدر من طرفهم باسم القانون ٬ ولذلك فهو يحد من هذه الاخلالات بالإجراءات التالية׃
ا ـ مراقبة سجلات الوضع تحت الحراسة النظرية ׃
إن مراقبة سجلات وضع الأشخاص تحت الحراسة النظرية تعتبر من الصلاحيات الأساسية الموكولة للنيابة العامة اتجاه الضابطة القضائية سواء أثناء الزيارة الأسبوعية لمخافرها أو في أي وقت آخر يراه وكيل الملك مناسبا أو خلال عرضه عليه شهريا قصد التأشير عليه.
والغاية من المراقبة تتجلى في ثلاثة أمور:
ـ التدخل لتصحيح كل وضع أو إجراء غير مناسب وذلك بمراجعة قرار الضابط مع إمكانية وضع حد لها إذا تبين عدم أهميتها أو انعدام المبررات القانونية لاتخاذها.
ـ التأكد من مسك السجل بصفة نظامية دون فراع أو كشط أو محو، والتأكد من تحقيق جميع البيانات المطلوبة فيها، وبصفة عامة التأكد من جميع البيانات المنصوص عليها ضمن المادة 66 من ق.م.ج التي نصت في فقراتها 10-11-12 على أن ترقم صفحاتها وأن توقع من طرف وكيل الملك أو من ينوب عنه عند الاقتضاء وتقيد فيه هوية الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية وسبب ذلك وساعة بداية الحراسة النظرية وساعة انتهائها ومدة الاستنطاق وأوقات الراحة والحالة البدنية والصحية للشخص المعتقل والتغذية المقدمة له، ويجب أن يوقع في هذا السجل أو يبصم الشخص المحروس وضابط الشرطة القضائية، وفي حالة عدم قدرة المعني بالأمر على التوقيع أو الإبصام أو في حالة الامتناع يشار إلى ذلك في السجل.
ـ رفع تقرير إلى الوكيل العام إذا كشفت المراقبة عن إخلالات جوهرية تمس ضمانات الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، كمسك سجل غير نظامي أو تجاوز مدة الحراسة النظرية أو أن احتساب مدة الوضع يخالف ساعة التوقيف الفعلي للمعني بالأمر..الخ، أو أن الوضع تقرر دون إذن النيابة العامة في غير حالة التلبس أو عدم إخبارها في مثل هذه الحالة.
ب ـ مراقبة دفاتر التصريحات ׃
تنص المادة 68 من ق.م .ج أنه يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يضعوا رهن إشارة وكيل الملك دفتر التصريحات وذلك بالنسبة للمصالح التي يلزم بها مسك هذه السجلات. فدفتر التصريحات تطرق إليه الفصل 73 من قانون الدرك الملكي وهو الأستاذ عبارة عن كناش يشبه كناش الجيب الذي يحمله العدول ويتضمن اسم صاحبه وترقم صفحاته ويشهد عليها الرئيس الإداري لضابط الشرطة القضائية، كما حدد خصائصه بكونه ذو طابع شخصي ومحلي يجب مسكه من طرف صاحبه وبمقر عمله الحالي دون إمكانية نقله إلى مراكز أخرى في حالة انتقاله، ويمسك هذا السجل فقط من طرف رجال الدرك الملكي دون باقي المصالح لتلاؤمه مع ظروف عملهم بالبوادي والأسواق والمناطق النائية والوعرة.
أما البيانات التي يتضمنها هذا الكناش فهي إضافة إلى التصريحات والمعاينات ومختلف الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة أو عون الشرطة يحتوي على البيانات المنصوص عليها في المادة 67 من ق.م.ج والمتعلقة بيوم وساعة وضع الشخص تحت الحراسة النظرية ويوم وساعة إطلاق سراحه وإشعار عائلته..الخ، ويجب أن تتضمن المحاضر المحالة على السلطة القضائية بيانات مماثلة دون زيادة أو نقصان أو تعقيب.
ويمكن لوكيل الملك من خلال الإطلاع ومراقبة هذه الدفاتر التأكد من مطابقة المعلومات الواردة بها مع البيانات الواردة في المحاضر المحالة على السلطة القضائية وبكناش الحراسة النظرية وكناش مراقبة الأحداث، وفي حالة ثبوت العكس فإنه ينجز تقريرا في الموضوع يحال على الوكيل العام للملك.
ج ـ مراقبة سجل مراقبة الاحداث ׃
لم يفرض قانون المسطرة الجنائية صراحة على ضابط الشرطة القضائية مسك هذا السجل، واكتفى بالنص في المادة 460 من ق.م.ج على أن لضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث أن يحتفظ بالحدث المشتبه فيه في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز مدة الحراسة النظرية ...، وإشعار ولي الحدث أو المقدم عليه أو وصيه...الخ وفق مقتضيات الفقرة الرابعة التي تنص كذلك على توجيه لائحة الأشخاص الذين تم وضعهم تحت الحراسة النظرية إلى النيابة العامة خلال 24 ساعة السابقة، وبالتالي تشمل كذلك الأحداث الموضوعين تحت المراقبة.
وأمام هذا الفراغ القانوني وتماشيا مع النهج التشريعي الرامي إلى تحقيق حماية خاصة للأحداث، فقد بادرت إدارة الأمن الوطني، وبعد التنسيق مع وزارة العدل إلى إصدار مذكرة تتضمن نموذجا للمعطيات التي يتعين اعتمادها في ملء سجل مراقبة الأحداث حسب النموذج التالي:
الرقم الترتيبي، الهوية الكاملة للحدث، هوية ولي الحدث، سبب الاحتفاظ بالحدث ، مكان الاحتفاظ، تاريخ وساعة بداية المراقبة، تاريخ وساعة نهاية المراقبة، الإجراءات المتخذة، الوثائق المقدمة، ملاحظات
ولكي يكتسي هذا السجل الصبغة الرسمية فلابد من ترقيم صفحاته وعرضه على وكيل الملك قصد التأشير عليه ومراقبته طبقا للشروط وحسب الشكليات المعتمدة بالنسبة لسجل الرشداء.
د ـ اشعار النيابة العامة فورا والانتقال الى مكان الجريمة في حالة التلبس بالجريمة ׃
بموجب المادة 57 من ق م ج يجب على ضابط الشرطة القضائية ٬ وبمجرد ما يشعر بحالة التلبس بجناية او جنحة ٬ ان يخبر بها النيابة العامة المختصة فورا ٬ ثم ينتقل في الحال الى مكان الجريمة لإجراء المعاينات الضرورية . وهو يمارس اختصاصاته في نطاق الحدود الترابية التي يزاول بها وظيفته وتحت مراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف وسلطة الوكيل العام للملك لديها وتسيير النيابة العامة وذلك تفاديا لما يمكن ان يصدر من ضابط الشرطة القضائية من سلوك غير مشروع او تعسف لا مبرر له وهو يمارس صلاحياته الخاصة بحالة التلبس . اما في حالة حضور ممثل النيابة العامة بصفته ضابطا ساميا للشرطة الى نفس المكان ٬ يتعين على ضابط الشرطة القضائية ان يتخلى عن صلاحياته ليتولى ممثل النيابة العامة ممارسة كل اعمال الشرطة القضائية او يكلف أي ضابط للشرطة القضائية بمواصلة البحث .
خاتمة ׃
تأسيسا على ما سبق يتضح لنا بان جهاز الشرطة القضائية يعد ضرورة من ضرورات المجتمع لتحقيق الآمن فبواسطته يتحقق النمو والازدهار وبدونه تعم الفوضى والمشاكل.
ويتجلى دور هذا الجهاز باعتباره من أهم الدعائم الأساسية التي تستند عليها العدالة الجنائية، ذلك أن الأبحاث التي يقوم بها يكون لها دور حاسم وفاعل في تحقيق عدالة فعالة ونزيهة. وذلك في اطار المراقبة التي تمارسها النيابة العامة كجهاز رقابة على أعمال الشرطة القضائية، هذه الرقابة التي تفرضها الأولى على الثانية منبثقة من صميم العلاقة القانونية التي تربط بينهما وذلك من اجل الوصول الى الهدف المنشود المتمثل في تحقيق عدالة جنائية تستجيب للمتطلبات والتوجهات الكبرى للدولة في مجال ضمان الأمن والاستقرار وحماية المجتمع من جهة وبين احترام حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية من جهة أخرى.
أولا الشكر الجزيل لأصحاب هذا الموقع وعلى مجهوداتهم، وأرجو أن يتم تزويد هذه المكتبة بكب أكثر مع ربط الموقع مع مواقع أخرى ذات صلة بالعلوم القانونية.
ردحذف